لواء ركن (م) دكتور سعد حسن فضل الله يكتب دور المرتزقة الاجانب في دعم المليشيا المتمردة
دور المرتزقة الاجانب في دعم المليشيا المتمردة
لواء ركن (م) دكتور سعد حسن فضل الله
مقدمة
1. ادت الحرب التى اندلعت فى السودان فى ابريل 2023م الى ازمة انسانية كبيرة حيت نزح ملاين المدنين من مناطق النزاع خاصة فى الخرطوم والجزيرة ودارفور كما تعرضت المرافق المدنية الى ضرركبير تمثل فى نقص الغذاء والماء والكهرباء مما نتج عنه تدهور الوضع الانسانى بصورة مروعة.
2. قام قائد المليشيا المتمردة قبل الحرب بوقت قصير بزيارات متكررة الى دول فى غرب وشرق افريقيا شملت تشاد والنيجر ومالى واثيوبيا وجنوب السودان وليبيا وكان احد اجندتها السرية هو حشد المقاتلين الاجانب واغرائهم بالاموال والحوافز الضخمة.
3. لعب المرتزقة الاجانب دوراً بارزاً فى الحرب السودانية وانخرطوا فى الحرب لاسباب مختلفة اهمها الحصول على الاموال عن طريق المرتبات والسلب والنهب للبنوك والمقتنيات الشخصية والدور الحكومية مما يعكس الدورالخارجى فى الحرب ويعتبر هؤلاء المرتزقة قوة مؤثرة تزيد من تعقيد الصراع وتساهم فى اطالة امده.
ادوار المرتزقة
4. يتم جلبهم لتعزيز قدرة المليشيا المتمردة .من خلال الخبرات القتالية وتقديم الاستشارات فى مجال التكتيكات الحديثة وحرب المدن واستخدام الاسلحة المتطورة.
5. تامين المصالح الاجنبية. بعض المقاتلين الاجانب (الاماراتين) يعملون بتوجيه من دولهم للحفاظ على مصالحهم فى السودان عبر الدعم المباشر للمليشيا بالاسلحة والذخائر والمعلومات الاستخبارية.
6. المشاركة فى العمليات العسكرية المباشرة .يتم الزج بهم فى القتال مما يجعلهم جزء اساسى من المعارك.
7. التأثير فى توازن القوى وجود المرتزقة ادى الى احدات توازن غير متكافى حيث تمكنت المليشيا من تعزيز موقفها بفضل المرتزقة.
تبعات وجود المرتزقة
8. تدويل الصراع . يعكس استقطاب المرتزقة تدخل اطراف دولية واقليمية مما يعقد الحلول السياسية
9. اطالة امد الصراع. يسهم تدخل المرتزقة فى جعل الصراع اكثر تعقيداً واطول زمناً بسبب الدعم المستمر الذى يقدمونه.
10. زيادة الخسائر البشرية . يزيد المرتزقة من حدة المعارك وشراستها مما يودى لارتفاع عدد الضحايا المدنين والعسكرين.
11. غرابة الجرائم المرتكبة على المجتمع السودانى .كقتل المدنين واختطاف النساء وبيعهم كارقاء فى اسواق دارفور وفظاعة التعزيب للنساء ونوعيه القتل والسحل والاعدامات للمدنين وطلب الفدية كل ذلك موثق بواسطة المليشيا ومنشور بمواقعهم.
12. التاثير على الاستقرار الاقليمى . يؤدى وجودهم الى تهديد الاستقرار فى المنطقة ككل اذ قد يستخدمون لاحقا فى صراعات اقليمية اخرى.
13. تفشى الجريمة المنظمة .وماقد يصاحبها من الاتجار بالمخدرات وبيع السلاح وتجارة البشر.
14. تدفق الارهابين الدولين .خاصة من ليبيا مثل كتيبةِ سبل السلام فى الكفرة وبوكو حرام من نيجيريا وغيرها من ارهابى غرب افريقا حيث قاموا بنقل الاشياء الغريبة فى القتال مثل الاخنطاف وطلب الفدية وغيرها .
15. يعد تدخل المرتزقة الاجانب فى الصراع السودانى جانباً مظلماً فى النزاعات الحديثة التى تتاثر بعوامل خارجية ومصالح دولية معقدة تجعل من تحقيق السلام مهمة صعبة .
جنسيات المرتزقة
16. تسير التقارير الى وجود مرتزقة من عدة دول افريقية وبعضها خارج القارة حيث لايوجد تاكيد رسمى من قوات المليشيا ولكن ظهروهم فى عدة فيديوهات منشورة يوكد وجودهم داخل ساحات القتال بعضهم يتحدث الفرنسية وبعضهم يتحدت اللغة العربية بلهجة مختلفة وبعضهم يتحدث اللغة التشادية وقد تم نعى بعضهم فى مواقع اجنيبة ،وقد اظهرت الصور للقتلى والاسرى جنسياتهم.
17. بعض الدول التى منها مرتزقة يقاتلون مع المليشيا الارهابية مثل:
أ. تشاد. بعض الجماعات التشادية او الافراد المسلحين لهم ارتباط عرقى مع المليشيا تم تجنيدهم بسبب ذلك وكذلك القرب الجغرافى والعلاقات الممتدة والمعقدة بين السودان وتشاد خدمة لمشروع توطين عربان الشتات.
ب. افريقيا الوسطى. بعض الحماعات المسلحة متورطة فى النزاع بسبب الاوضاع الامنية المتقلبة هناك.
ج. مالى والنيجر. تعتبر المنطقة موطناً لمجموعات مسلحة ذات صلة بالنزاعات الاقليمية، ويتم تجنيدهم نظرا لخبرتهم القتالية والتكلفة المنخفضة.
د. ليبيا. نتيجة للاضطرابات المستمرة فى ليبيا ووجود العديد من الجماعات المسلحة مما ساهم فى تدفق العديد من المرتزقة ساعدهم فى ذلك القرب الجغرافى والحدود المفتوحة.
هـ. جنوب السودان. النزاعات الحدودية والتوترات المستمرة بين السودان وجنوب السودان وارتفاع معدل البطالة والفقر المدقع جعل الافراد ينخرطون فى القتال بدافع الحصول على الاموال والسلب والنهب.
و. اثيوبيا والصومال . اظهرت الصور والفيديوهات وجود لافراد من هذه الدول يقاتلون الى جانب الملشيا.
ز. فاغنر(روسيا). تعرف بتورطها فى عدة نزاعات افريقية ولها علاقة قوية مع المليشيا اذ كانت تعمل معهم فى تهريب الذهب.
ح. كولمبيا .تسير تقارير حديثة جدا الى مشاركة مرتزقة من كولمبيا الى جانب مليشيا الدعم السريع ، وقد اشتهر الكولمبيون بالعمل كمرتزقة فى مناطق الصراع حول العالم بسبب الخبرات التى اكتسبوها من القتال ضد الجماعات المسلحة ، ولديهم خبرة فى الحروب غير النظامية ، ويتم استقطابهم من خلال شركات امنية خاصة بمقابل مادى كبير ووجودهم فى السودان يشير الى تحول فى طبيعة الصراع حيث تتزايد التدخلات الاقليمية والدولية بشكل مياشر ، وهذا قد يعقد فرص الوصول الى حل سياسى ويزيد من معاناة المدنين.
الاسلحة المستخدمة
18. يعتمد المرتزقة على اسلحة خفيفة ومتوسطة سهلة النقل والاستخدام تناسب البيئة مثل:
أ. الاسلحة الخفيفة .مثل بنادق الكلاشنكوف والM16 حيث توفر سهولة
الاستخدام والصيانة وهى فعالة فى الاشتباكات قصييرة ومتوسطةالمدى.
ب. الاسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة .مثل القرنوف والبراون والدكتريوف التى توفر كثافة نيران عالية وتستخدم فى تثبيت العدو وحماية المواقع.
ج. قاذفات القنابل ار بى جى 7. تستخدم فى تدمير المركبات المدرعة او المبانى المحصنة وهى فعالة بشكل خاص فى المناطق الحضرية.
د. الاسلحة المضادة للطيران .تستخدمها المليشيا بكثافة ضد المدنين وهى محرم استخدامها ضد البشر وتبدا من المدفع الرشاش 12.7و14،و 23وصواريخ ارض جو المحمولة لاستهداف الطائرات والمروحيات وقد نحجت المليشيا فى اسقاط عدد من الطائرات.
هـ. المدفعية الثقيلة. تستخدمها المليشيا بكثافة لارعاب المدنين ابتداً من الهاون بعياراته المختلفة مرورا بالكاتيوشيا والراجمة 40 دليل والدى ثيرتى والهاوزر.
و. القناصات. تستخدم لتوقف تقدم المشاه من مسافات بعيدة حيث تعطى ميزة تكتيكية للتحكم فى بعض المناطق الاستراتيجية.
ز. الالغام والمتفجرات. سواء كانت الغام ارضية او عبوات ناسفة مثل القرنيت وتستخدم لاعاقة تقدم القوات واضعاف الروح المعنوية.
ح. المسيرات. تمتلك المليشيا اعداد كبيرة من المسيرات بانواعها المختلفة سواء كانت للاستطلاع ام هجومية او انتحارية.
ط. الاليات العسكرية الخفيفة والمدرعة. تمتلك المليشيا اكثر من 10 الف عربة ذات دفع رباعى مسلحة بمختلف انواع الاسلحة وكذلك عربات مدرعة اماراتية الصنع ومدرعات بى تى ار ودبابات من نوع تى 55.
تستخدم فى عمليات الهجوم والالتفاف والفزع.
ى. المدافع الم/د مثل الspg8 والكورنيت والجافلين وال بى 10.
19. تاتى اسلحة وذخائر المليشيا من دولة الامارات عبر تشاد وليبيا وجنوب السودان.
المهام القالية
20. الاماراتيون. يقومون بتدريب افراد المليشيا على استخدم المسيرات ومنظومات التشويش وتقديم المعلومات الاستخبارية والتدريب على استخدام الكورنيت والجافلين ومنظومات الدفاع الجوى وايصال الاسلحة والذخائر.
21. الليبيون. تقديم الدعم فى مجال استخدام القناصات والاسلحة الم /ط .
22. فاغنر.قامت بتدريب قوات المليشيا على حرب المدن ويقومون بالامداد عبر الطائرات والتدريب على استخدام منظومات الدفاع الجوى
23. مرتزقة جنوب السودان غالبيتهم من النوير ويقومون بتشغيل انظمة المدفعية وقد اثبتوا مهارة عالية فى ذلك .
24. الكولمبيون يقدمون الدعم العسكرى والتكتيكى بلاضافة الى القتال المباشر وحماية الشخصباتوعمليات الاستطلاع واستخدم التكنولوجيا المتقدمة ولديهم خبرة كبيرة فى استخدتم الطائرات بدون طيار ولديهم استعداد للعمل فى البيئات القاسية.
25. المرتزقة التشادين ومرتزقة غرب افريقيا بقومون بتدريب المستنفرين فى معسكرات خاصة على الجدود بين السودان وافريقيا الوسطى وبين السودان وتشاد وتامين طرق الامداد ولديهم خبرة للعمل فى بيئات مشابهة من حيث التضاريس والطقس.
26. بقية المقاتلين يقومون بقيادة العربات المصفحة واعمال المشاة والقناصات وحماية بعض القيادات.
حشد اعداد جديدة من المرتزقة
27. من المحتمل ان تقوم المليشيا بحشد اعداد جديدة من المرتزقة ولكن يعتمد ذلك على عدة عوامل رئيسية:
أ. التمويل المالى . تمتلك قوات المليشيا تمويلاً جيداً بسبب سيطرتها على بعض مناحم الذهب والدعم الاماراتى مما يمنحها القدرة على تجنيد المرتزقة من دول
مجاورة.
ب. العلاقات مع الجماعات المسلحة فى المنطقة . مثل قوات حفتر وجماعة فاكت التشادية وبعض الجماعات الاخرى فى افريقيا الوسطى ومالى والنيجر وبوركينافاسو والمعارضة الجنوب سودانية التى تنشط فى الحدود، كل هذه
الجماعات تنشط فى النزاعات الاقليمية مما يسهل عمليات التجنيد وفتح قنوات
لتجنيد مقاتلين جدد.
ج الحوافز والمكافآت. توفر قوات المليشيا حوافز مغرية للمجندين مثل الرواتب العالية مقارنه بالجندى السودانى ومستوى المعيشة فى دول معينه بالمنطقة مما يجذب الافراد من الدول الفقيرة والمضطربة امنياً.
د. الوضع الامنى والسياسى الاقليمى. البيئة السياسية غير مستقرة فى عدة دول افريقية تتيح للمليشيا فرصة تجنيد الافراد بسهولة حيث يبحث كثيرون عن فرص اقتصادية ويستغل آخرون الفوضى للانضمام الى النزاعات.
28. هذه الاستراتيجية لها تحديات ومخاطر منها الصعوبة فى تامين الولاء الحقيقى لهؤلاء المقاتلين اللذين قد ينقلبون على الجهة التى يعملون معها اذا قدمت لهم عروض افضل بالاضافة الى التدخلات الدولية التى قد تزيد من الضغوط والعقوبات.
اعداد القتلى والاسرى
29. لاتوجد احصائيات دقيقة وموثوقة حول اعدادا لقتلى او الاسرى من المرتزقة فى حرب السودان وذلك للاسباب الآتية:
ا. صعوبة التوثيق فى ظل النزاع الدائر وتدهور الوضع الامنى خاصة ان اعداد الفتلى لا يتم تسجيلهم رسمياً.
ب. التكتم من المليشيا على عدد القتلى او الاسرى تجنبا للاضرار بسمعتها وذلك لاعتبارات سياسية.
ج. التنوع الكبير فى المرتزقة نظرا لتعدد الجنسيات والخلفيات.
30. فى ظل هذه العوامل لاتتوفر ارقام دقيقة ويظل تقدير اعداد القتلى او الاسرى فى اطار التكهنات وغالبا ماتعتمد المعلومات على تقارير غير رسمية.
الاعتماد على المرتزقة
31. يتم الاعتماد على المرتزقة للآتى:
أ. تعويض النقص فى الجنود بسبب الخسائر البشرية التى منيت بها مليشيا الدعم السريع.
ب. يتمتع المرتزقة بخبرات قتالية عالية مكتسبة من صراعات سابقة.
ج. رغم تكلفة استجلاب المرتزقة العالية نسبيا فانها قد تكون اقل من تكاليف تجهيز وتدريب القوات المحلية.
د. يمكن انكار مشاركة المرتزقة بسهولة لتجنب الادانه الدولية
التوصيات
32. محاكمة من يتم القبض علية بقانون مكافحة الارهاب لعام 2001م.
33. اعداد قوائم بالمرتزقة وملاحقتهم عبر الانتربول والمحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم مجرمى حرب.
34. التعاون الاقليمى والدولى خاصة مع دول الجوار(تشاد، اثيوبيا، ليبيا، جنوب السودان) للسيطرة على الحدود ووقف تدفق المقاتلين والاسلحة.
35. التواصل مع المنظمات الدولية والاتحاد الافريقى ومنظمات مكافحة الاتجار بالبشر لتعزيز الرقابة وفرض عقوبات على الجهات التى تسهل دخول المرتزقة.
36. تفعيل العمل الدبلوماسى بشرح قضية المرتزقة بالاستعانة بالتسجيلات المتوفرة.
37. تكثيف الحملات التى توضح خطورة وجود المرتزقة فى القتال الى جانب المليشيا.
38. ممارسة ضغط اعلامى وتأليب الراى العام العالمى ضد الجهات التى تدعم المقاتلين الاجانب.
39. تفعيل الاتفاقيات مع روسيا والصين لضمان اتخاذ موقف ايجابى فى المحافل الدولية. 40. وضع استراتيجية شاملة تجمع بين الامن والسياسة وتحتاج الى التزام مستمر.
ــ 7 ــ
خاتمة
41. شهدت الحرب المستمرة فى السودان تصعيدا كبيراً مع انخراط مرتزقة من دول مختلفة فى الصراع . استقدام المرتزقة يعكس تحول الصراع الى مواجهة اكثر تعقيدا حيث تلعب الاطراف الدولية والاقليمية دورا مباشرا فى دعم المليشيا وتعزيز مصالحها الخاصة.
42. معالجة قضية المرتزقة الاجانب تتطلب نهج متعدد الابعاد يشمل التعاون الاقليمى والدولى ودور اكبر للحكومة السودانية والشركاء المحلين.
43. نسأل الله النصر لقواتنا المسلحة والقوات النظامية الاخرى وتقبل الله الشهداء وعاجل الشفاء للجرجى وعوداً حميداً للاسرى والمفقودين